دعِ ألفكرَةَ نهائياً*

 

عبد الحميد الصائح

 

 لأجلِ بلادي

لأجلِ رعشتي ألأولى وأنا أُمسكُ ألقلم في مدينةِ ألناصرية

لأجلِ ألمدرسةِ ألتي بُنيَتْ على ألمزرعة

فتسرّبتِ ألحقولُ إلى ألدفاتر

لأجلِ ألخوفِ منَ ألنهار، ورهبةِ ألمعلّمين

وألطفولةِ ألتي يأتيها ألمخاضُ مع كلّ درسْ

لأجلِ ألبيت ومزبلةِ ألجدران

رائحةِ ألأب, سوطهِ وسجائرِه

لأجلِ ألبكاءِ كثيراً لأسبابٍ قليلة

لأجلِ ألغرفِ ألتي تدخلُها ألسلطاتُ منَ ألنوافذ

لأجلِ ألثيابِ ألتي تُخاطُ سراويلَ في ألشتاء وتُفتقُ في ألصيف

لأجلِ ذاكرةٍ تعرجُ في ألحانات

يطاردها عامُ ألتاريخ وعامُ السلطات وعام ألإحساسِ بالموت

لأجلِ ألكتبِ ألتي تجمّدتْ بشطبِ ألشمس

وألبراكين وهي توبّخنا على ألهندسة

ألمدنِ ألبالية

إبتعادنا عن ألنوع

ألخيال وهوَ يُسفحُ على مذبحِ ألكتابة

ألأرض، وهيَ ترِثُنا دونَ سابقِ إنذار

ألموسيقى ألعاطلة من سوى نباحِ ألرسائلِ ألقديمةِ في ملاجيْ ألجنود

ألطفولةِألمباحة

ألعمل

ألنهار ..بلاحكاية..ألتكاثر..آليّةِ ألبكاء

ألبحار، وهيَ تنشبُ ماءها في ألخلود

لأجلِ ألشوارعِ ألتي قاسمتها ألشمسَ وألمطر وألضجيج

لأجلِ أبنائي ألذينَ نفختهم في ألهواءْ وخبّأتُ أمّهاتهم في ألكتب

لأجلِ ألممحو وألغائب وألحتمي وألمؤجل وألمستحيلِ وألمحتمل

دعِ ألفكرةَ نهائيّاًألحدودَألأسئلة

لماذا ألأسئلةُ أنياب

شيْ لافتٌسنزولويصحو حالمٌ حلمَ بماحدث

ونسيَ ألذاكرةَ مفتوحةًمغشوش ومغفّل

في ألأقل يبقى صانعُ ألكتابةِ وألنبيذ

تعبان……ماذا يحدث؟ ألوان ألملابس وسيطرة ألنوع

هل يُعقلُ

أنَّ أولئكَ ألذينَ جئنا معهم على ألتنفّس وألدم وألقلب وألرؤية

وألجوع وألجنس وألـ………وألموت أيضاً

نخذلهم بالندم وألوقت وفلسفة الحذر وألأزياء وألمختبر؟

……………….

لأجلِ ذلك كلّه

لأجلِ موتٍ مُبْكِر ٍأصنعُهُ بنفسي

وأنا أمرُّ على ألأشرطةِ وألمذكّراتِ وألأوهامِ وألنسيان

والإندفاعِ وألأجهزةِ ألمبرمجة

……دعِ ألفكرةَ..فللعقلِ ينابيعُ ولصوص

ليسَ ألذي تشعّبَ، ألماء وألريحَ وألجسدَ وألشهوة

ألذي تشعّبَ..ألفضولُ وألضعف

دعِ ألفكرة..

ألطفولةَ بلابحوثٍ ورقابة وألحربَ بلاتدريس

ألأنوثةَ وألموتَ وأللّذةَ بلاوثائق.

دع بلادَكَ ألكونْ وريحكَ ألريح وماءك ألماء

حينَ كنّا طوابيرَ منَ ألخلل

لنا سحنة ألصخر وغريزة ألتراب ودرس ألوهم وألفصول

كنّا كالسماءِ بلاكتابة

وكالمطرِ بلاتواريخ

وكالطفولةِ بلاحدود

وحينَ دخلنا ألمختبر..تفسّخَ ألطفل

وتحوّلتِ ألأرضُ إلى أسيجةْ وألبيوت ُإلى توابيتْ وألهذيانْ إلىدرس

وألحياة رحلةٌ ترفةٌ باتجاه ِألموت

هناك،دربُ ألعودةْ، ألسبيلُ ألمريب

ألأزالةُ تمرُّ على جليدٍ جديد

فالذاكرةُ نموذجٌ مصغّرٌ للفناءْ ونحن مازلناأسئلة

ألفكرةُ  إذن تتحوّل، وألمنطقي خارطتنا ألضيّقة

فالدرس ألأوّل ليسَ سوى تعبئة ألبياض بألمكتشف

وألمكتشف ليسَ حقيقة.ليسَ ألحقيقةَ بالضرورة

وإلاّ لماذا تمرّدَ ألشاعر على ألإمبراطور

وألطفلُ على ألعائلة

وألطبيعةُ على ألعلماء

فدع ألفكرة إذنوأعِدْ ليَ ألشمَّ كماهوَ

وألبصرَ كما كان

وألحبَّ كما ينبغي

فأنا مازلتُ أخضعُ لذلك.أحتفظُ بفتاوى ألغابة وحكمة ألنمورِ وألقطط

وألأسماك وألطيورِ وألنمل وألفلاّحينَ ألذينَ لابيوتَ لهم

بالثمار وهيَ تبادلُني التنفس

بالماء وهوَ سرّي

بهولِ ألكون وهوَ يتقاذفُ حبّةَ ألرملِ هذهْ

بحياتي ألتي لامُدافعَ عنها

بالمبتدئين وهم يتورّطون بالتجربة

لاتدع ألفكرةَ فقط

بل تعال ومن معكَ معي نعودُ إلى ألعائلة

إلى رضاعة ألبرد وخشية ألجوع وأللّذةِ ألكاملة

إلى بلادٍ بلا أوسمة

وكهنةٍ بلادفاترْ

إلى ألأُنثى وهيَ تتمرّغُ بالعشبِ حينَ تنضج

فتنقلُ ألريحُ رائحتها إلى ألحياة

إلى ألتجربةِ ألأولى، ألفذّة

كي لايأكلَنا ألحلم حينَ يتسرّبُ إلى ألدفاتر

ولاتبردَ دمانا حينَ يقلّمُ ألمعلّمونَ أسناننا

ولايتدخّلَ إختلافُ أللغات بأوهامنا

ولانموت ونحن نعضُّ على ألأصابعْ

ولا………………………

دع ألفكرةَ وتعالَ ومن معكَ معي ..أولئكَ ألشعراء..تلكَ ألأسئلةْ.

 

                                                                                                                   صيف1998

 

اغلاق الصفحة