ناصر مؤنس.... توق يتخطى السائد
( لنفتح الأوفاق ونقرأ نقوش الزنك )
يستدرج ناصر مؤنس (1963 بغداد ) الحرف حتى
يتحول الى شكل بصري , ربما ليحفز المتلقي على
أن يصوغ منطوقه الخاص , ويقرأ قابلية الحرف
على أن يتحول إلى أنموذج يستحث رؤية الكامن ,
وربما ليعيد إلى الحرف بعضا من هيبته , بعدما
أفقده المنطوق دلالاته , وأفرغه الكتبة
الكسالى ( بنصوصهم البدائية ) من محتواه .
الحرف لدى ناصر ليس مفردة ،بل دلالة تنقش
مفاتنها في عيوننا , أنه توق يتخطى السائد .
وكآثاري ينقب عن مدن ضائعة , يلتمس صداها في
نقوش وإشارات ومخلوقات أولية لم تنقرض بعد ,
بل يبتكر مخلوقاته لتحيا داخل أختام وطلاسم
... ومتخيل أثري .
وبيقين الشاعر وتكتم الفنان يفرد خصائص أشكاله
الموشومة بأقلام الكتابة الاولى على مساحة
الزنك أو القماش ( الحرير ) ، ليحرّر الكلام
من هذيانه وليطيح بأشكال الكتابة ، فيولج
أحباره قيامة الحامض مختزلا المعنى ومرشحا
أشكالا تتلبس النص فتحيل المسموع إلى بصري
ينطق حكمته الاولى . نص يكتب ببيان يتشظى ,
ليبتكر علاماته، وأبجدية تتسع لتتمخض عن
مرجعية شكلية ، وبصمة تقود إلى ملامح منفردة
أنها أبجدية مغايرة لاتمنح إلا ذاتها المبتكرة
.
انه يكاشف إيقاع العمل ليوّطن أسراره وبتقنيات
الغرافيك ( طباعة على الخشب أو المعدن وطباعة
على الحرير ) يمازج في أحيان بين هذه الخصائص
والتقنيات , ربما في محاولة للخروج من قوالب
الحفر ونتائجها ، ففي كثير من أعمال الفنان
التي تطبع كحفر على المعدن نشاهد ملمس طباعة
على الحرير أو حفر على الخشب ، اي لايمكن أن
تحدد للعمل تقنية أو مسمى ما , فهو يعتقد أن
فن الحفر يوفر حرية كبيرة إزاء تقنيات التشكيل
الاخرى ( إن الخطاط العربي انتبه إلى أن الفرق
بالشكل يسبق الفرق باللفظ , وهو بذلك يسبق
الشاعر - على سبيل المثال - لكن ماذا يحدث لو
أن الشاعر استخدم أدوات غير الحبر , الورق ,
الكتابة . أدوات يمكن معاملتها باللصق أو
التعشيق أو الضغط
ألا يؤسس هذا لتدوين جديد لم تعرفه سياقات
الكتابة أو الرسم ) ؟ .
وللشاعر والفنان ناصر مؤنس تجربة خاصة ومميزة
مع الكتاب اليدوي ، حيث أنتج العديد من الكتب
اليدوية , وبمهارة الصانع وخيال الفنان تمكن
من أن يحول الكتاب من مجرد مرجع معلوماتي إلى
كيان فني , وبقدر ماينص على معنى فهو نتاج
تشكيلي , يمكن اقتناؤه على أساس بصري , دون
الاخلال بالقيمة المعرفية , وهو بذلك يستفز
القاريء على أن يصوغ عملية التلقي من جديد .
وبصمت يؤرق الآخرين , صمت لايرتكب أخطاءه بل
يرتب السكون , ينحت تشخيصه بروية ليبسط ألواحه
, ويرسخ النص حتى يعلن أن النص كائن يستلب
أبصارنا ويعكس خصوبة الخيال , انه يقطر عزلته
ليفصح عن معطى , يبحر بروحانية المفردة
ونكهتها ,فتجلت بصماته في العديد من المعارض
التي أقامها أو اشترك بها ومنها معهد العالم
العربي باريس 98 ومتحف الثقافات الدولي
النرويج 99-2000 وكاليري ارتي شوك هولندا
2000 ومتحف درامن النرويج 2000 ومعرض
مشاهدات روتردام 2001 والعديد من المعارض
المشتركة .حاز على الجائزة الاولى للكرافيك من
متحف رايزفيج عام 2000. صدرت له: تعاويذ
للأرواح الخربة ,هزائم , التعاويذي , حيل
ميكانيكية , الملك
, عزيزي فليني تعال لرؤية الكرادلة .
علي
رشيد |